بحثي يشير أنه بالرغم من أن العديد من الجماعات وعمليات البحث
إنطلقت على مر السنين , لكن أحدا لم يتمكن من تتبع وتعقب الشيطان بنجاح ,
لذا قررت ألا أذهب إليه , بل سأقترب كثيرا وأتركه هو ليأتي إلي .
رغم ان الطرق في بارونات الصنوبر قذرة بشكل فظيع , لكن سيارتي الجيب لم تمانع التقدم .
أوقفت
السيارة قرب البيت وقررت إنشاء معسكر هناك . كان الجو باردا جدا والأرض
غطيت بأكملها بالثلوج , لذا تسائلت إذا ما كان يجب أن أنتظر حتى الربيع أو
أتراجع , لكن بما أنني هنا الاّن فلا مفر من البقاء . كنت مرتدية ملابس
التزلج ولدي الكثير من البطانيات , بدأت بتنظيف الأرض للبدء بإشعال الحطب
... اّمل بأن لا تنطفئ النار .
كل القصص التي قد قرأتها وسمعتها تقول
بأن هجمات الشيطان إستهدفت الدجاج والكلاب , لكنني لم أرغب بالتضحية بهذه
الحيوانات , لذا بدلا منها فقد تسلحت ببسكويت (Oreo) و (hostess twinkies)
وبعض الرقائق المثلجة وكمية من المياه الغازية . عندما بدأت النار بتدفئة
المكان , ملأت حقيبة الظهر ببعض الأطعمة , أمسكت المصباح , وانطلقت إلى
الغابة . الظلام دامس في هذه المنطقة , أكاد أرى الطريق بصعوبة , إستمريت
باكتشاف المكان إلى أن وصلت إلى كهف ضحل قرب بركة صغيرة , يبدو هذا المكان
مثاليا لنوم مخلوق خفي طول أيام الشتاء الباردة . فتحت صندوق الطعام وسكبت
بعض الحبوب على طول الطريق , إنطلقت عائدة إلى المعسكر ولم أتوقف عن سكب
فتات الطعام .
بعد مضي 45 دقيقة من المشي , أيقنت تماما بانني
ضائعة , لعنت نفسي مئة مرة لعدم إحضاري بوصلة أو أي مرافق معي , سرت إلى
الأمام أبحث عن أي شجرة مألوفة أو عن اّثار أقدام قد أكون تركتها خلفي ,
لكن للأسف الظلام والرياح والثلوج أخفت كل شيء , عندها يئست تماما وبدأ
الخوف بالتسلل إلي , بعدها إلتفت إلى اليسار ورأيت ضوءا مشعا , إقتربت منه
بحذر و ....
نعم سيارة الجيب والنار المشتعلة والمعسكر , وجدت طريق
العودة أخيرا , كم أنا محظوظة , لقد كنت امشي بحلقة مستديرة حول المكان ,
المهم أنني وصلت بسلام .
وضعت كمية من المياه الغازية بالوسط ,
أعلم أنه لن يقاوم كل هذا .. كل ما علي فعله الاّن هو الإنتظار فقط ,
والبقاء دافئة قدر الإمكان , لكن للأسف النار لم تستطع أن تذيب شعوري
الشديد بالبرد بعد الجولة الطويلة التي قمت بها , لذا تسلقت سيارتي الجيب
وأشعلت السخان .. اّمل أن يقدر الشيطان هذه الموسيقى الرائعة , وضعت سيدي
الموسيقى بمشغل الأقراص و استمتعت باستراحة قصيرة على صوت الرياح , شربت
بعضا من المياه الغازية وأكلت ساندوتش زبدة الفول السوداني , كل هذا ولم
أغفل للحظة عن مشاهدة الأشجار المظلمة بالمنطقة التي سكبت بها الطعام ..
أرجو أن يظهر الوحش قريبا , بدأت أفكر في لو أنني تركت لنفسي بعض البسكويت
عندها فجأة ... هناك حركة عند الأشجار .
بأسرع ما أمكنني أقفلت
محرك السيارة وفتحت النافذة , بدأت بالبحث عن كاميرتي الرقمية . لم يعد
هناك أثر لأي أصوات باستثناء صوت تنفسي , هدوء مرعب ثم .. الشجيرات أصدرت
حفيفا ثانيا , لكن حتى الاّن لا يمكنني أن أرى أي شيء سوى الظلام الدامس ,
وفجأة .. صرخة عالية إنطلقت من هناك , لا يمكنني أن أصفها إلا كصوت قطة
وقعت في خلاط , إستمرت الصرخة المخيفة حوالي الدقيقة فقط , لكنها كانت
طويلة كفاية لتجعلني أتمنى أن أعود إلى بيتي وأستمتع بدفئ الفراش بدلا من
وجودي وحيدة في هذه الغابة الباردة , كمراسلة وهاوية للغامض والغريب أحببت
أن أعرف من الحيوان الذي يمكنه أن يصدر مثل هذه الصرخة , وكإنسان منطقي
أردت أن أكون أبعد ما يمكنني عن هذا المكان .
قبل أن أتمكن من
الخروج من هذا الجحيم , شيئ ما خرج من الأشجار إلى الخلاء , وعلى ضوء
النار أمكنني أن أرى حيوانا يقف على أرجله الخلفية , كل جزء من جسمي تمنى
أن يكون ما أراه غزالا أو حتى دب , لكنه لم يكن كذلك . كان تقريبا بطول
اربعة أقدام , مال بجسده ليحفر بالثلج بحثا عن بقايا الطعام , ثم اعتدل ,
على الأقل يمكن أن أقول أنه كان بطولي تقريبا , كان يملك رقبة طويلة ورأس
مربع تقريبا وشيء يتحرك خلفه . بيدان ترتعشان فتحت غطاء الكاميرا وأشعلت
أضواء السيارة . قفز فجأة وأطلق صرخة ثانية , ثم اندفع باتجاه الضوء بسرعة
مهاجما , التقطت صورة بأسرع ما امكنني قبل أن أغلق نافذة السيارة , ثم
بدأت بالنظر النظرة الأولى عليه .
كان
جسده مكسو بالفراء المغطى بالثلج . اذرعه ضعيفة لكن أرجله قوية جدا ,
رقبته طويلة وسميكة ومغطاة بفراء بني مائل إلى الحمرة , يبدو انه يبدل
فروه خلال الشتاء لان هناك بقع من الجلد الرمادي العاري ظهرت بين الشعر .
لديه
عيون كبيرة وأسنان حادة جدا , جرى بسرعة هائلة حتى أنه أغلق المسافة بيننا
في بضع ثواني فقط , اصطدم بالسيارة من الأمام بعنف , إهتزت السيارة من أثر
الصدمة , كان يتراجع ويهاجم باستمرار , استطعت ان ارى أجنحته المطوية ,
أخيرا قفز على مقدمة السيارة ولم أعد أرى إلا أرجله ونصفه السفلي على
أضواء السيارة , بدا هائجا , يضرب هنا وهناك ثم فجأة رفس زجاج السيارة
برجله , تصدع الزجاج و صرخت من الرعب . حاولت الرجوع إلى الخلف , ركبتي
تدفع عجلة القيادة وتستند على بوق السيارة (Horn) .
استقام الشيطان
فجأة وأخذ يلتف من كل جانب ويجلد سيارتي بذيله النحيل , أخيرا فتح أجنحته
الشبيهة بالمضرب ودفع برجليه غطاء السيارة وقفز من على المنحدر , طار
المسافة كلها ثم هبط على الثلج , وأخذ يجري عائدا إلى الغابة المظلمة ,
عندها وبسرعة أشعلت محرك السيارة و تراجعت بعنف إلا الوراء , فقد إختفى
فضولي تماما في هذه اللحظة , وكنت أريد الهروب أبعد ما يمكنني من هذا
المكان الرهيب , خرجت من المنطقة , وإنطلقت عبر الطرق القذرة بدون أن
أبطىء من سرعتي , وصلت إلى فندق قريب واوقفت السيارة .
في الصباح
رأيت الضرر الفظيع الذي لحق بسيارتي الثمينة , كأنني تعرضت لهجوم حيوان
الأيل , الحاجز الأمامي كان ملتويا , والزجاج محطما , أيضا أجزاء من
السخان و بقع من الدهان كانت مفقودة , أخذت بعض الصور وتفحصتها بالفندق .
ثم
توجهت عائدة إلى مكان المخيم لعلي أرى بعض الأدلة . الأرض بدت وكأنها ديست
من قبل قطيع من الجواميس , أثار أقدام كثيرة وجدتها قرب الأشجار , ونار
المخيم كانت قد انطفأت منذ ساعات , أيضا قطع من المعدن وبقع الدهان تفرش
الأرض حيث كنت أقف بسيارتي , و قطع كبيرة من الطعام غير موجودة .
هل
ما واجهته هو شيطان جيرسي ؟؟ هل كان انسان مجنون مشوه ام انه نوع خاص من
الحيوانات لم يسجل بعد ؟ نظرت إلى الأدلة وأيقنت أن البرد والمنشطات لم
تجعلني أتخيل هذا الهجوم المخيف , لقد هوجمت فعلا بشيء ما بالغابة ذلك
المساء , هل هو فعلا شيطان بالغ من العمر 250 سنة ؟ هل هو الطفل الثالث
عشر الملعون ؟ لم أكن سأخاطر بالبقاء أكثر لإجابة كل هذه الأسئلة , مهما
يكن ما واجهته فإنني لم ارد مقابلته مرة ثانية , يكفي أنني اقتنعت بوجوده .